ترك جانب من المصريين لأسابيع كل مهم يجرى لهم وحولهم، وانخرطوا في الاهتمام بالمسلسلات الدرامية التلفزيونية. وحتى أكثر الصحف محافظة ورصانة عندنا كـ"الأهرام" خصص رئيس تحريرها مقاله الأسبوعي يوم الجمعة لها. وكأن لا شئ أهم هنا أو حولنا يحدث مقارنة بخناقات "جعفر العمده" مع زوجاته الأربع، وغيرها من أحداث افتراضية.
دفع الناس لأن يصبحوا أسرى عالم افتراضي يستبدلونه عوضا عن الوعي والاهتمام ببؤس الواقع ومشكلاته المعيشة وراءه طابور طويل من مستثمري الأوهام المتربحين المستفيدين. معلنون وممولون وممثلون و... وأيضا يصطف معهم أنصار مزيد السلطة والمال والأرباح والظلم والتفاهة. وإنها لثقافة قديمة متجددة لا تستثني المجتمعات الريفية المتخلفة ولا الصناعية الحديثة. وكثيرا ما يرعاها كل من يتسبب في الاستغلال والاضطهاد والنهب والتهميش والكوارث ويباركه. وهكذا من الشائعات غير البريئة حول مقتل الفتاة القروية "خضرة" بفيلم "الأرض" عندنا إلى العوالم المخملية والمرعبة بالسينما والدراما التجارية في "هوليود" الأمريكية، ومرورا بما صرح به "جوبلز" وزير دعاية "هتلر" من أساليب استلاب وخداع الجماهير وصناعة الحاكم الفرد الدكتاتور وطغمته وتبرير جرائمهم.
واليوم كلما استمعت لهذا الاهتمام بمسلسلات رمضان تذكرت سخرية "عادل إمام" وصيحته المتكررة في مسرحية "أنا وهو وهي" قبل نحو 3 سنوات من هزيمة 1967 :" بلد شهادات صحيح"!.
وعجايب!
-----------------------------------
بقلم: كارم يحيى
